الخميس، 11 فبراير 2010

*عندما عشقت عيناي الصمت!*

*عندما عشقت عيناي الصمت!*




تستهويني التفاصيل..تثير ضوضاء حياتية..فيمتلأ أي سكون أو فراغ أمام ناظري..وأنا أشغف بقراءة هذه الضوضاء..وتعشق عيناي مطالعتها!
اليوم
التفاصيل مختلفة..خليط متداخل من ماض وحاضر
"يا حبيبتي..يقولون إنه حيا ً!"
.....
تسترجع الأحداث نفسها تلقائيا ً..تتلاصق شريطا ً وتعدو
الآحقها بنظراتي في لهفة..لا شئ
لا أثر لوجوده!
.....
"قلت لها إنها بذلك تنهي الأمر برمته قبل الشروع فيه!"
.....
أتوقف أمام إحدى الصور..تشبه بشدة بضعة صور أخرى لدي..الفرق يكمن فقط في الأشخاص والأماكن..لكن المضمون العام واحد لا يتغير في هذه الصور
.....
"لو كانوا يملكون من أمر أقدارهم شيئا ً..فليحاسبوا الناس حينئذ على أقدارهم..إنه شئ خارج تماما ً عن السلطات البشرية..إنه القدر"
.....
"سقط سهوا ً..ثم إنه مجرد اسم..كل تلك الجلبة لمجرد اسم؟!..هذا بله!..ثم أنني أراه أسهل هكذا..الآخر ثقيل..ولا أرى فارقا ً كبيرا ً بين وجوده وعدمه"
.....
قفزت تلك الكلمات من الصورة لتمتزج بالألم الذي اعتصر روحي
عدم المبالاة بأهمية هذا الأمر لدي والتعجب من مكانته عندي والإستخفاف بإصراري الدائم على وجوده
كل ذلك..يثير مزيجا ً من التمزق حزنا ً والإزدراء بداخل دروب نفسي
......
"كثيرون هم من يفكرون بهذه الطريقة يا صغيرتي..مهما صنعتي..لا مفر من وجوده!"
تجذبني مترادفات في نظراتها وهي تنطق بتلك الكلمات
تأخذني لصورة أخرى بعييييييييييييييدة..لكنها الأقرب دوما ً والأكثر إيلاما ً!
.....
تثير تفاصيل وجهه وهو يتحدث في تلك اللحظة براكين متضاربة جارفة من المشاعر
تتدافع الأحرف من بين شفتيه..
"كل ما ستحققون من نجاح..كل ما ستصلون إليه..سينسب لي أنا في النهاية..هي..لن يُنسب لها أي شئ"
في أعماق عينيه قسوة وصلف
هل تزرعنا هي ليحصدنا هو؟!
ليس له من الفضل في تلك الزرعة شيئا ً..بل لقد ساهم كذلك في إلحاق أضرار بها بدلا ً من الإعتناء معها بها ورعايتها!
فهل يحصد هو ثمار السنوات بعد كل ذلك؟!
"بل وربما لن يذكرها أحد كذلك..فقط ذكري أنا هو الملازم لكما أبدا ً"
وقررت كسر القسوة والصلف!
.....
"يا حبيبتي..إنهم لا يقصدون إسقاطه..هم لا يعلمون إنهم يسقطون معه سنوات استقرت في أحرفه الثلاث..هم يأخذون الأمر وينظرون  له من زاوية مختلفة..لا يعلمون كم المرار الذي يخلفه إسقاطه لهم..وحتى لو علموا لربما لا يزيدهم هذا سوى إستغراب..وربما البعض يأخذه على محمل  الإستخفاف..فالأمر في النهاية مجرد ثلاثة أحرف..لا أحد منهم يعلم سر أهميته الزائدة لديك..ألم تفكري في أن تستعرضي لهم الأسباب علّهم حينئذ يقدرون؟"
.....
"وما الذي أدخل هذا الأمر في ذاك الآن يا بنيتي؟!..أنا أتكلم معك ِ في موضوع مختلف!!!"
تهمس رجفة تشمل جوانح القلب
" هي دائرة واحدة..يخلفون الألم..البعض بجهل والآخر بقصد..لكن المرار ليس له إلا طعم ونكهة واحدة..فإنهم جميعا ً يتكئون على نفس الجرح!"
.....
أجيبها..
"لا..لن أستعرض الأسباب..لست مطالبة بالتبرير..ولا أرى أن تفهم المعنويات يجب ان يكون عن إقتناع..تتسم أغلب المعنويات في منطقيتها بالا منطقية..المنطق والإقتناع هو أكثر في الماديات الملموسة"
أرى التساؤل في عينيها..رباه
حسنا ً..سأحاول تبسيط الأمر
"بمعنى آخر يا عزيزتي..الاستهتار بأولويات الآخر وما يهمه وتسفيهها مهما كانت يخلق شرخا ً خطيرا ً في جدار التواصل الإنساني...........
الأمر برمته يعصف بأعماقي..هل تتفهمين ذلك؟!
إنهم يسكبون ماء نار فوق جرح مازالت دماءه ساخنة..يسكبون غصة من الماضي فوق ندى الحاضر!"
تتلألأ عيناها..تقول:
"إني أشعرك!"
.....
"يا بنيتي..هذه الإجابة تغنيكي عن الغوص في أعماق الأمر..وربما تغني عن التطرق إليه مرة أخرى"
يلتمع شئ بالوجدان..
لكنها لن تغني عن التطرق لألآم لطالما حاولت وصد بابها..ولن تغني عن إنغماسي فيها حتى الأعماق
.....
أفتح الملف بشغف وأقرأ..لا أراه..أسقطوه مرة أخرى؟!
تبرز تفاصيل وجهه..وشبح إبتسامة إنتصار وخيلاء يحوم خلالها
وأرى في عينيه القسوة والصلف!
أضغط سريعا ً أزرار الكيبورد..وأضعه بحنو في مكانه الطبيعي..لا تخف يا صغيري..لن تسقط
أعيد إرسال الملف مع كلمة واحدة
.
.
.
.
.
(( تعديل ))
.....
ينتفض قلبي..ترتجف شفتاي
"ليس حيا ً..ماهي مقاييس الحياة لديهم؟..ماهي مقاييس الموت؟"
.....
"حسنا ً يا بنيتي..لقد أنهيت الأمر"
أتنهد..
صفحة أخرى تطوى دون الشروع في كتابة حرف بها
هل مازلت حقا ً أكترث؟!
.....
جمعت بيني وبينها في جملة..تحاول أن تُبرز في الذكرى مدى إرتباطنا..لكنها في تلك المحاولة أسقطته!
عاتبتها..أعتذرت..ولم تعيد إسقاطه بعدها ثاينة
فيما بعد..
وعندما شرحت لها الأمر..
قالت لي إنها اعتذرت عن عدم إقتناع..فقط مراعاة لي..وإنها حرصت على إسقاطه لكنها كانت تتعجب في أعماقها وتحمل شيئا ً من الإستخفاف بالأمر..ورغم ذلك كانت تحرص على الأمر فقط لأنها تحرص على مشاعري
أما الآن فهي تحرص عليه لإنه يستحق الحرص
لأنها تعايشت مع سنوات أحرفه!
.
.
.
وإزدادت مساحة حبي لها
.....
قبل الإجتماع يذكرنا ببعض التفاصيل..
أسقطه مرة أخرى..وزاد الأمر بأن رفعه هو مكانه
وبرزت عيناه..ورنت أحرفه بدوي
"بل وربما لن يذكرها أحد كذلك..فقط ذكري أنا هو الملازم لكما أبدا ً.. فقط ذكري أنا هو الملازم لكما أبداً"
يعتصرني نوع خاص من الألم
.....
صورت لي أحدى الملازم الدراسية معها..
وكتبت اسمها على ملزمتها..فطلبت منها ان تفعل لي نفس الشئ..فعلت وأعطتني الملزمة
نظرت للملزمة بشئ من الدهشة وكثير من السرور..ثم نظرت لها بإمتنان فابتسمت
.
.
.
جزء من القسوة والصلف قد كُسر
اتسعت إبتسامتي لتشمل قلبي
.....
بنظرة تحد وتشف قال:
"ستحتاجينني عما قريب"
.....
"من الواضح أن الأمر لن يتم بدونه"
حلقي جاف
نعم أصبو إليه..لكن لو كان ثمن إتمامه هو وجوده فأنا لا أريد!
ثم إن هناك دوما ً من يقدرون
.
.
.
يزدهر الأمل
وازدادت رقعة المساحات الخضراء وتناثرت فوقها الزهور وردية
.....
يهبني إختلاط التفاصيل وتداخلها صداع حاد
وللمرة الأولى ترغب عيناي عن الضوضاء الحياتية للتفاصيل..وتتطلع لشئ من الهدوء
ويعصف الصداع بشغف عيناي للمطالعة
وأرنو لترك السكون والفراغ أمام ناظري خاليا ً
لأول مرة.............
تعشق عيناي الصمت!!!

ساره نهل المصري
"همس القمر"

الأربعاء 13-1-2010
الساعة 17:43 مساء ً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق